أخبار كندا العربية

أخبار

رضى الناس غاية لا تُدرك… وغير ذلك انتحار في مستنقع الرياء!

رضى الناس غاية لا تُدرك… وغير ذلك انتحار في مستنقع الرياء!

By م.زهير الشاعر

منشور: يونيو 25, 2025

أعرف أن هذا المقال سيفتح أبواب التأويل، وسيتساءل البعض عن خلفية كتابته.

لكن، وللأمانة، حين خطرت لي الفكرة لم أكتفِ بالابتسام، بل ضحكت!

ضحكت لأنني تذكرت عددًا لا يُحصى من القصص والتجارب، لأشخاص تألموا حدّ الانكسار بسبب خذلان الناس، أو خيبة توقعاتهم في محيطهم.

ثم تساءلت:

هل يمكن لإنسان أن يهدم المعبد على رأس من فيه، ويمضي غير آبهٍ بشيء، ويعيش الحياة طولها وعرضها، ويبدو راضيًا عن النتيجة؟

ربما نعم، شكليًا على الأقل.

لكن الحقيقة غالبًا ما تكون مختلفة… فالداخل المثقل بالخذلان لا يُرمم بسهولة.

ومن جهة أخرى، من يعيش حياته خائفًا من إغضاب الناس، ينتهي به الأمر في قوقعة.

يعزل نفسه عن محيطٍ يخشاه، ويخنق حريته، وغالبًا ما يظلم نفسه أكثر مما يخشاه من ظلمهم له.

ولذلك رأيت أنه من المفيد مشاركة هذه الفكرة، ليس فقط لطرح التساؤل، بل للحديث عن التوازن بين الرضى والتراضي، وبين أن نحترم الآخرين دون أن نلغي أنفسنا.

ما لم يقله المثل

منذ زمن بعيد، قالوا: “رضى الناس غاية لا تُدرك”،

لكنهم لم يقولوا لنا بوضوح: ما الذي يُدرك إن سعينا لذلك؟

والإجابة الصادمة: ما يُدرك حينها ليس سوى الخذلان، والتورّط، والانتحار البطيء في مستنقع الرياء والنفاق.

كم من إنسان أهدر عمره في محاولة إرضاء الجميع:

يرضي هذا، يجامل ذاك، يتنازل هنا، يصمت هناك، فقط ليحافظ على صورة جميلة في عيون الناس!

فإذا به يستفيق يومًا، لا يعرف من هو، ولا لماذا يعيش، ولا متى فقد نفسه!

الناس لا ترضى عن نبي، فكيف ترضى عنك؟

الأذواق تتضارب، والمزاجيات تتقلّب، والقلوب لا تتفق على أحد.

ومن يسعى لإرضاء الجميع، لا يُرضي أحدًا في النهاية… بل يفقد احترام نفسه أولًا.

القناع لا يُنقذك

في زمن المجاملات الزائدة والتواصل الزائف، صار كثيرون يتنقّلون بين أقنعة:

قناع للعائلة، وآخر للعمل، وثالث للمجتمع، ورابع لمنصات التواصل.

وهكذا يتحوّل الإنسان إلى ظلّ باهت، يمشي مثقلًا بعبء التمثيل، حتى يفقد ذاته تحت ركام التوقعات.

والأسوأ؟ أن الثمن غالبًا ما يكون: كرامتك، وصدقك، وسلامك الداخلي.

فما الجدوى من مكانة مزيفة، إذا كان ثمنها هو الصمت عن الظلم؟

وما الفائدة من إعجاب الآخرين، إذا كنت تخجل من نفسك حين تنظر في المرآة؟

هل تستحق “نظرة الناس” كل هذا الثمن؟

لو قدّمت لهم قلبك، لن يُرضيهم.

ولو مشيت على الماء، لقالوا إنك لا تُحسن السباحة!

فلماذا إذًا تعيش سجينًا في زنزانة “ماذا سيقولون عني”؟

ولماذا تحوّل حياتك إلى مسرح بلا جمهور، مليء بمخرجين كلٌّ يريدك أن تؤدي دوره لا دورك؟

إنها حماقات وقذارة نفوس…

حسد وغيرة، وجنون في التفكير،

تساؤلات لا تنتهي حول “من أنت؟” و”من يكون الآخر؟”،

زحامٌ خانقٌ حول الهوية، وصراع مرير بين الظهور والحقيقة،

آهات وآلام وأوجاع، والكلّ تائه، الكلّ ضائع،

ولا أحد وجد نفسه حقًا،

فكيف يُرضي غيره، وهو لم يُصافح ذاته يومًا بصدق؟

النجاة في الصدق

النجاة الحقيقية لا تأتي من رضى الناس، بل من الصدق مع النفس.

أن تعيش كما أنت، لا كما يريدك الآخرون.

أن تقول “لا” وأنت تعنيها، حتى لو غضب الجميع.

أن تمشي وحدك، ما دمت تعرف إلى أين تمضي.

عش صادقًا، حرًا، شجاعًا.

تخلَّ عن محاولة إرضاء من لن يرضوا،

وكن على يقين بأن بعضهم لن يحبك أبدًا…

ليس لأنك سيئ، بل لأنك لم تكن تابعًا، ولا نسخة عنهم.

ومن تجربة أقول…

ومن خبرة حياتية وتجربة شخصية، كن أنت.

وارسم هويتك… عش صادقًا، حرًا، شجاعًا، ولا تكن في جيب أحد مهما قالوا عنك.

أنت الوحيد الذي يعرف من أنت حقًا.

تخلّ عن محاولة إرضاء من لم يرضوا ولن يرضوا،

من أيتام الكرامة، وأدوات الطابور الخامس — طابور التخريب، وبث الفتن، والفرقة، والتشكيك،

أولئك الباحثين عن موقع أو قيمة بعد سنوات من الغرق في وحول السقوط الأخلاقي والانحدار القيمي والخيانة الصامتة.

كن واثقًا أن بعضهم لن يحبك، لا لأنك مخطئ، بل لأنك تُذكّرهم بما فقدوه.

لأنك تُربك حساباتهم، وتُعري زيفهم،

ولأنهم أدوات هدم لكل إبداع…

دورهم إسقاط القدوة، وضرب الهيبة، وتحطيم المعنى، وتدمير الانتماء.

ليس لأنك سيئ، بل لأنك لا تشبههم… ولأنك وقفت شامخًا، ولم تركع

التعليقات

متعلق ب

الطقس

اليوم

الاثنين, 30 يونيو 2025

جاري التحميل...
icon --°C

--°C

--°C

  • --%
  • -- kmh
  • --%
فتح في تطبيق ACN احصل عليه على جوجل بلاي احصل عليه على متجر التطبيقات
فتح في تطبيق ACN احصل عليه على جوجل بلاي احصل عليه على متجر التطبيقات