أخبار كندا العربية
أخبار
منشور: يونيو 14, 2025
نظرة عامة:
رواية يوميات نائب في الأرياف هي رواية بسيطة في تناولها اللغوي في قالب ساخر وتلك أداة الأديب توفيق الحكيم، من جانب آخر تحفل بمعاني معمقة عن البيئة الريفية المصرية، في تصور عن قصة مقتل سيدة ريفية، وافتقاد الأدلة للقبض على الجاني، يعرض الأديب الشهير توفيق الحكيم في روايته والتي صدرت في العام ١٩٣٧، في شكل أشبه ما يكون بمحادثات يومية يعيشها رجل من سلك القضاء وهو بطل قصتنا النائب شريف، يرصد فيها الانطباع الذي لمسه من رحم الضغوط التي يكابدها في مجال البث في جريمة قتل، قد لا يعبأ بها العديد ممن كانوا في منصبه، لطبيعة جو الأرياف و نقص الأدلة والإجراءات السليمة لإيجاد الجاني. ترجمت هذه الرواية للغة الفرنسية ونشرت عام ١٩٣٩، وتم انتاج فيلم سينمائي استوحيت قصته من الرواية التي نحن بصددها.
لمحة عن الأديب توفيق الحكيم:
توفيق الحكيم أحد الرواد البارزين والمؤثرين في الأدب العربي الحديث، ولد في ٩ تشرين الأول عام ١٨٩٨م بمدينة الإسكندرية لأب مصري يعمل في سلك القضاء و لأم تركية، عاش طفولته في مدينة دمنهور وكان لها الأثر البالغ في صقل شخصيته، شارك في ثورة ١٩١٩م، التحق بكلية الحقوق وتخرج منها عام ١٩٢٥م ومن ثم أكمل دراسته العليا في القانون في فرنسا، تقلد مناصب عدة منها عمله وكيلاً للنائب العام، ومديرا لدار الكتب المصرية وعضواً في مجمع اللغة العربية ومندوب مصر بمنظمة اليونسكو في باريس. أسس ما يعرف بالمسرح الذهني العربي، حيث تحفل أعماله بالدلائل والرموز التي تستخدم لإسقاطها على الواقع بسلاسة وسهولة. توفي في عام ١٩٨٧ عن عمر يناهز ٨٩ عاماً، حيث ترك إرثا كبيراً من العديد من أعماله الأدبية.
شخصيات الرواية:
النائب شريف: وهي الشخصية الجوهرية في الرواية أي بطل الرواية، يمر بسلسلة من الأحداث في سبيل الوصول إلى المتهم في قتل السيدة الريفية وإقفال ملف القضية.
الفتاة ريم: الحسناء التي سلبت قلب كل من رآها، بما فيهم النائب شريف، ضحية من ضحايا كثر، لم يستدل على الجاني.
الشيخ عصفور: شخصية يكتنفها الغموض، مشرد ليس له مأوى، حامت حوله الشكوك في اختفاء الفتاة ريم، لا يتحدث إلا بأغنية باللهجة المحكية الريفية.
المأمور: شخصية قضائية يستغل منصبه لمآربه الخاصة.
تجسيد الواقع المؤلم:
رصد الروائي عبر روايته المشاعر التي تختلج النائب شريف، وهو يرى الإهمال الذي تعيشه قرية بعيدة في الأرياف، فلا تحظى بتلك العناية الحكومية في ذلك العهد، و أظهر للقارئ الفوضى التي تعم جميع نواحي الحياة في تلك القرية، وافتقادها لأبسط الإجراءات التي تمكن من إنفاذ العدالة بشكل صحيح ومنطقي، فعدم الإنصاف يطال الفلاحين الذين يعانون الفقر والحرمان والتهميش، وبين الاندهاش الذي راود النائب شريف من قساوة الحياة التي يعيشها الفلاح البسيط والغبن الواقع عليه، بلا حقوق فقط عليه أن يؤدي واجبات الدولة تجاهه، وهو بالكاد يؤمن قوت عياله، فالبؤس الذي أحس به بطل روايتنا في عيون وأحاديث الناس المحليين لا يمكن إغفاله.
الموظف الحكومي في الأرياف:
التهاون الذي ساد الجو العام للرواية، من قبل الموظفين الحكوميين العاملين في الأماكن النائية، مستفحل ومستشري بين معظمهم، وعدم الاهتمام بكرامة الإنسان سواء أكان حيا أم ميتا، أدركه النائب شريف عندما حضر الطبيب الشرعي وشرع بفحص الجثة وتشريحها بصورة تنم عن عدم المبالاة بحرمة الأموات، منها عرض جثة القتيلة وتشريحها امام أعين أهل القرية، والسماح للعاملين تحت يده بالإنتقاص من كرامة الميت، فبدا وكأنهم يعبثون بالجثة بشكل مزري، أصيب النائب شريف بالصدمة في البداية، لكن المحزن والمبكي بالنسبة له اعتياده على هكذا مشهد.توضح الرواية أن واجبات الموظف الحكومي لا تؤدى بإخلاص وأمانة، و ملفات قضايا كثيرة لا ينظر بها ولا ترفع فيها جلسة فقط يكتفي بجملة واحدة "تحفظ القضية لعدم معرفة الفاعل" بسخرية توفيق الحكيم المعهودة في خاتمة روايته.
ريم الضحية الأخرى قيدت ضد مجهول:
الفتاة الجميلة ريم التي أسرت قلب كل من رآها، هي أخت الضحية التي أقفلت قضيتها ولم يعرف قاتلها، سيما و إن كانت الشكوك تحوم حول زوج أختها الذي أودع السجن ومات، فقصتها غريبة كقصة أختها القتيلة، فماتت بظروف مريبة ولم يعرف القاتل.
خوله كامل الكردي
التعليقات