أخبار كندا العربية

أخبار

التماثيل المكسورة ….. ضحية أدوات العهر والبغاء في زمن الضياع زمن تحطيم القدوة وتسفيه الإبداع

التماثيل المكسورة ….. ضحية أدوات العهر والبغاء في زمن الضياع زمن تحطيم القدوة وتسفيه الإبداع

By م.زهير الشاعر

منشور: مايو 19, 2025

في زمن يعج بالفوضى الأخلاقية والفساد والغزو الفكري والسلوكي والانحدار القيمي، سألني سائل: كيف ترى هذا الزمان؟

قلت له: لقد تكسرت التماثيل التي كانت تزين شوارع الفضيلة تحت ضربات معاول الانحطاط، وأصبحت النماذج الرفيعة من البشر أهدافًا لسياط الفجور. تتوالى المؤامرات لتطويع الشرفاء وتحطيم القدوة وتسفيه الإبداع، في إطار ما يمكن وصفه أنه خطة منظمة لتشويه كل ما هو نقي وأصيل. هذا وتتحالف أدوات العهر الفكري والاجتماعي لضرب أعمدة النقاء والإبداع، حتى أصبح الشرفاء والمبدعون في حيرة من أمرهم وهم في مواجهة مباشرة مع آلة التدمير المعنوي والرمزي والنفسي التي تمارس ضدهم وتحاول النيل منهم لإسقاطهم في وحل الضياع الأبدي وخسارة الذات.

وفي المقابل، نجد مساحة واسعة أمام رموز الفساد وأدوات الإفساد لممارسة جرائمهم وتصدُّر المشهد. بل إن بعض دعاة الفضيلة المزيفين، ممن الطامحين لقيادة المجتمعات، يقدمون مفاتيح النجاة لهؤلاء الفاسدين في شراكة فاضحة تحت مضلة الفساد والافساد، مما يعزز ركب التدمير لكل قدوة حقيقية أو شخصية تمتلك مكانة وتأثيرًا.

لذلك نجد أن هناك نوع من الناس يكرهون أنفسهم قبل أي شيء، ويكرهون الامتياز ويعادون التفوق. يخافون خوفًا عميقًا من أن يروا شخصًا يتمتع بموهبة لامعة أو أخلاق سامية. لا يحبون أن يروا تمثالًا جميلًا تنظر إليه العيون بإعجاب وتلتف حوله القلوب بعاطفة صادقة. هؤلاء يستريحون تمامًا عندما يُحطم هذا التمثال ويرونه مجموعة متناثرة من الأحجار. منظر الضعف يريحهم ويسعدهم، وأوراق الخريف في نظرهم أجمل من زهور الربيع. الدمار يطمئنهم على أن العالم المحيط بهم بخير، لأنه في نظرهم لا امتياز فيه ولا تفوق.

إن هذه الفئة من البشر تجد راحة في تحطيم الرموز المشرقة، ليس لأن هذه الرموز خاطئة أو فاسدة، بل لأنها ببساطة تتفوق وتلمع في مجتمع تسيطر عليه الرداءة. لذا، ترى هؤلاء يقفون على الحافة بانتظار سقوط من يتفوق، يتربصون بأخطائه، ويستغلون لحظات ضعفه لكسر تمثاله الذي طالما أضاء في وجدان الناس.

هنا لابد من الإشارة إلى أنه لطالما كان الشرفاء رمزًا للقوة والثبات ومصدر إلهام وعطاء وصمود، فهم كالأشجار العتيقة التي تصمد أمام عواصف الزمن. لكن في هذا العصر الموبوء، أصبحوا ضحايا لمؤامرات تُحاك بعناية لتطويعهم أو كسرهم. حيث تُستخدم أدوات العهر الفكري والإعلامي والاجتماعي لتشويه صورتهم وضرب قيمتهم في المجتمع.

هذا وتُدار حملات شيطنة مكثفة كلما ظهر لديهم حسّ المبادرة الاجتماعية أو الإنسانية أو حتى رؤية سياسية نبيلة، لجعلهم عبرة لمن يفكر في التمسك بمبادئه أو الصمود على الحق فهل هذا من باب الصدفة؟!. فكل من يطرح فكرة بناءة أو يسعى للإصلاح أو ينشر رسالة وعي يجد نفسه في مواجهة جوقة من المضللين الذين يحاولون النيل من سمعته ولربما أكثر من ذلك لكسر شوكته وإطفاء صوته.

في هذا السياق، تتحرك الآلة الشيطانيّة بمهارة لشيطنة المواقف النبيلة وطمس الحقائق التي تفضح زيف الواقع. المال والنفوذ يصبحان سلاحًا في يد أصحاب النفوذ الذين تزاحموا على الوصول للمقدمة من أيتام عزة النفس والكرامة. حيث يُحارب الشرفاء ليس فقط بالأكاذيب، بل أيضًا بإقصائهم من مواقع التأثير وإجبارهم على الانزواء.

إن الحرب على القدوة والإبداع، سواء كانت موجهة أو غوغائية، ليست اعتباطية، بل هي جزء من سياسة تطويع المجتمعات حسب رؤية المستهدف والمستفيد. فالمبدع الحر والقدوة الصلبة يشكلان خطرًا على مجموعات الفساد والإفساد والتبعية. عندما يكون الإنسان حرًا بفكره وأخلاقه، يصبح عصيًا على التحكم، لذا تأتي محاولات كسره من الداخل عبر تشويه صورته أو حرف بوصلته وتشتيت مساره وضرب مصداقيته.

لذلك ليس هناك غرابة في زمن الضياع، حيث يُقتل النبل ليس فقط عبر التشويه والتشهير، بل عبر ضرب مكانة المبدعين والشرفاء في المجتمع.

وهنا لن نندهش إن علمنا أن المال والنفوذ يُسخر لإقصائهم وتهميشهم، فتتحول القدوة إلى رمز للعار في ظل سياق مشوّه، يرمي إلى تدمير كل من يحمل شعلة الأخلاق والتمسك بالقيم والانتماء للهوية والإخلاص للقضية في درب الظلام.

إنهم يطاردون كل من ينطق بالحق أو يطرح فكرة إصلاحية أو يبادر بتغيير إيجابي. هؤلاء الشرفاء يصبحون أهدافًا لحملات منظمة تهدف لعزلهم وإزاحتهم عن مواقع التأثير وتجريدهم من قيمتهم المعنوية، ليُترك المجال مفتوحًا للرداءة ولمن يطأطئ رأسه طمعًا في رضا الفساد وتماهياً مع هدف إفساد الفرد.

ولكن هيهات هيهات، حيث لا يعلم هؤلاء الأقزام من أدوات الفساد والإفساد، أن التماثيل المكسورة لا تعني الانهيار، بل هي رمز للصمود رغم جراحات الزمن. سيبقى الشرفاء والأتقياء والمبدعون رغم محاولات كسرهم شامخون واقفون كالشوكة في حلق الانحطاط، لأن النقاء لا يُهزم بالعهر، والكرامة لا تُباع بالمال.

كما ستظل النماذج الأصيلة رمزًا للصمود، مهما حاولت أدوات العهر والبغاء تشويه صورتها، لأن الحقيقة لا تُكسر مهما ثقلت عليها معاول الكذب. إن التمسك بالقيم النبيلة والتمرد على الانحطاط هو الخيار الوحيد لمن يرفض الاستسلام. فالتاريخ والتجارب يقولان إن النقاء يظل خالدًا مهما تكالبت عليه قوى وخفافيش الظلام، لأن منارة الحق لا تنطفئ رغم كل محاولات الكسر والتشويه، وأن الحق لن يغيب كما الحقيقة حتماً ستبقى ساطعة وحتماً بإرادة الخالق القوي الجبار لن تغيب!.

التعليقات

متعلق ب

الطقس

اليوم

الاثنين, 30 يونيو 2025

جاري التحميل...
icon --°C

--°C

--°C

  • --%
  • -- kmh
  • --%
فتح في تطبيق ACN احصل عليه على جوجل بلاي احصل عليه على متجر التطبيقات
فتح في تطبيق ACN احصل عليه على جوجل بلاي احصل عليه على متجر التطبيقات