يعيش عالمنا الإسلامي هذه الأوقات أياما مباركة جليلة، بدأت العشر من ذي الحجة، و القلوب تتلهف والألسن تلهج بالدعاء إلى الله أن يعين أهل غزة وينتهي عنهم كابوس الحرب الذي جثم على صدور الأبرياء من النساء والأطفال و الشيوخ، فملايين من المسلمين يتوافدون على الديار المقدسة مهللين مكبرين بقلوب نقية صافية، أن يجيب الله دعواتهم ويتقبل حجهم إلى بيته العتيق، لا يهمهم في مجئيهم سوى رضاه، تاركين خلفهم كل شيء من متاع الدنيا من أموال وأبناء و أزواج، مستشعرين عظم الموقف الذي يقفونه بين يدي المولى عز وجل.

والأمة الإسلامية في خضم استعدادها لرؤية حجيج بيت الله الحرام متجمعين في بقعة واحدة و متجهين لقبلة واحدة و الكعبة المشرفة يطوفون حولها بخشوع وسكينة، وبلسان واحد وقلب خاشع ونفس مستعدة وحاضرة لأداء مناسك الحج، وعيون دامعة أن ينزل الله سكينته على أهل غزة ويخلصهم من البلاء الذي ألم بهم وبأرضهم.

سيحل عيد الأضحى و غزة لا تزال ترزح تحت نيران قوات الاحتلال الإسرائيلي، وحرب تجويع مرعبة وحصار وتدمير ممنهج، لجميع ما تبقى من منازل وبنى تحتية أعدمها قصف الطيران الحربي والمدافع والمسيرات الحربية، لم يستطع معها العالم كله أن يوقف الحرب اللانسانية على المدنيين العزل، و الأدهى و الأمر اشتداد وطأة الحرب بشكل لا يمكن وصفه، مع استحكام سلطات الاحتلال قبضتها على معابر قطاع غزة، وعدم السماح بدخول شاحنات المساعدات الإنسانية التي تنتظر خلف المعابر الإذن بالدخول، فقد صرح أحد مسؤولي الإغاثة الأممية، أن الأدوية والعلاجات الطبية قد شارفت على انتهاء صلاحيتها، وقد مرق عليها ما يقرب ٦٠٠ يوم وهي عمر حرب الإبادة الجماعية المستعرة الحاصلة على قطاع غزة، والمؤشرات توحي إلى أن سكان غزة يتضورون جوعاً، وأن خطة إيصال المساعدات الإنسانية التي قررها الجيش الإسرائيلي مع شركة أمنية أمريكية قد ثبت عدم جدواها، حيث شاهد العالم كيف أن الجوعى في غزة قد تدافعوا ليأخذوا حصتهم من المساعدات واجتازوا السياج الذي وضعه الجيش الإسرائيلي، مما أدى إلى فرار موظفي الشركة الأمريكية الأمنية.

الإقرار بأن عمليات توزيع المساعدات والمعونات الغذائية لا يمكن تنسيقها إلا بأيدي من خاضوا تجربة توزيع المساعدات لعقود من الزمن، وهذا ما صرح به أحد مسؤولي الأمم المتحدة، بأن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، لديها خططا وبرامج معدة وجاهزة مسبقاً، لتوزيع المساعدات بصورة منظمة وعادلة تصل لجميع أهالي القطاع، وهي قادرة على القيام بذلك بكل مسؤولية ونجاح.

قريباً سيطرق عيد الأضحى المبارك أبواب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأهل غزة على أمل أن يحتفلوا بالعيد كباقي المسلمين في العالم، وقد أسكتوا نداءات أمعائهم الخاوية وكسوا أبنائهم ملابس العيد وفرحوا به، ولديهم قوت يومهم وعلاجا لمرضاهم، وقبل كل ذلك شعورهم بالأمن والأمان، على أنفسهم وأسرهم، وخلاصهم من الحرب الوحشية التي تشن عليهم بلا ذنب ولا جريرة قد اقترفوها...فيا الله لطفك بأهل غزة فليس لهم سواك.

خوله كامل الكردي